سورة لقمان آية :6-9




قال تعالى : 


) وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ


 بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ *


 وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا


 كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *


 إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ *


خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ( لقمان:6-9





تفسير الآية :




ولما ذكر تعالى المهتدين بالقرآن، المقبلين عليه،


 ذكر من أعرض عنه، ولم يرفع به رأساً،


 وأنه عوقب على ذلك، بأن تعوض عنه كل باطل من القول،


 فترك أعلى الأقوال، وأحسن الحديث،


واستبدل به أسفل قول وأقبحه، فلذلك قال:



 {مِنَ ٱلنَّاسِ} إلى {هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} .




أي {وَمِنْ مِنْ} هو محروم مخذول {يشتري} أي:



 يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء.




{لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ} أي: الأحاديث الملهية للقلوب،


 الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب.


 فدخل في هذا، كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل،


 وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق،



 والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق، المجادلين


 بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة، ونميمة،



 وكذب، وشتم، وسب، ومن غناء ومزامير شيطان،



 ومن الماجريات الملهية، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.




فهذا الصنف من الناس، يشتري لهو الحديث،



عن هدي الحديث {ليضل} الناس {عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي:



 بعدما ضل هو في فعله، أضل غيره،



 لأن الإِضلال، ناشىء عن الضلال.



 وإضلاله في هذا الحديث، صده عن الحديث النافع،



 والعمل النافع، والحق المبين، والصراط المستقيم.





ولا يتم له هذا، حتى يقدح في الهدى والحق،


الذي جاءت به آيات الله. {وَيَتَّخِذَهَا} يسخر بها،



 وبمن جاء بها. فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه،



 والقدح في الحق، والاستهزاء به وبأهله، 



أضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه إليه،



 من القول الذي لا يميزه ذلك الضال، ولا يعرف حقيقته.




{أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} بما ضلوا،



 واستهزؤوا بآيات الله، وكذّبوا الحق الواضح.





ولهذا قال: {إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا} ليؤمن بها وينقاد لها.



 {وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً} أي: أدبر إدبار مستكبر عنها، رادَ لها،



 ولم تدخل قلبه ولا أثرت فيه، بل أدبر عنها {كَأَن لَّمْ}



 بل {كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً} أي: صمماً لا تصل إليه الأصوات،



 فهذا لا حيلة في هدايته.





{فَبَشِّرْهُ} بشارة تؤثر في قلبه الحزن والغم، وفي بشرته السوء،



 والظلمة، والغبرة. {عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلم لقلبه، ولبدنه،



 لا يقادر قدره، ولا يدري بعظيم أمره. فهذه بشارة أهل الشر،



 فلا نِعْمَتِ البشارة.




وأما بشارة أهل الخير فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ}



جمعوا بين عبادة الباطن بالإيمان، والظاهر بالإِسلام، والعمل الصالح.



 {لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ} بشارة لهم بما قدموه، وقرىً لهم بما أسلفوه.





{خَالِدِينَ} أي، في جنات النعيم، نعيم الروح، والبدن.



 {وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً} لا يمكن أن يخلف، ولا يغير، ولا يتبدل.



 {هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} كامل العزة، كامل الحكمة.



من عزته وحكمته، أن وفَّق مَنْ وفَّق، وخذل مَنْ خذل،



 بحسب ما اقتضاه علمه فيهم، وحكمته.




تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ( السعدي )
Share this post :

إرسال تعليق

المتابعون

صفحتنا على الفيسبوك

 
بدعم من : الملخص | تحميل برامج مجانية
copyright © 2011. نساء الجنة - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger