لما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزايد أمره ويقوى ،
ورأوا ما صنع أبو طالب به . مشوا إليه بعمارة بن الوليد . فقالوا : يا أبا طالب ،
هذا أنهد فتى في قريش وأجمله . فخذه وادفع إلينا هذا الذي خالف دينك ودين آبائك فنقتله ،
فقال المطعم بن عدي بن نوفل : يا أبا طالب ، قد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص منك
بكل طريق . قال : والله ما أنصفتموني ، ولكنك أجمعت على خذلاني ، فاصنع ما بدا لك .
وقال أشراف مكة لأبي طالب : إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه . فإنك على مثل ما نحن عليه
أو أجمع لحربنا . فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا ، حتى نهلكه أو يكف عنا ، فقد طلبنا
التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص .
فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يابن أخي ، إن قومك جاءوني ،
وقالوا كذا وكذا ، فأبق علي وعلى نفسك ، ولا تحملني ما لا أطيق أنا ولا أنت .
فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك . فقال صلى الله عليه وسلم :
واللـه لـن يصلـوا إليـك بجمعهم | حـتى أوسـد فـي الـتراب دفينا | |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة | وأبشـــر وقــر بـذاك منـك عيونـا | |
ودعـوتني , وعـرفت أنك ناصحي | ولقـــد صـدقت , وكـنت ثـم أمينـا | |
وعــرضت دينــا قـد عـرفت بأنـه | مـــن خــير أديــان البريــة دينــا | |
لـــولا الملامــة أو حـذار مسـبة | لوجــدتني سـمحا بـذاك مبينـا |
إرسال تعليق