سورة الأنفال آية : 22-24





قال تعالى : 

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ 

خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ* يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ 

وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ 

تُحْشَرُونَ ( الأنفال:22-24



تفسير الآية :



تفسير الآية :


يقول تعالى: {إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ} من لم تفد فيهم الآيات


 والنذر، وهم {الصم} عن استماع الحق {البكم} عن النطق به، 


{ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } ما ينفعهم، ويؤثرونه على ما يضرهم.


 فهؤلاء شر عند الله، من شرار الدواب، لأن الله أعطاهم


 أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ليستعملوها في طاعة الله،


 فاستعملوها في معاصيه وعدموا ـ بذلك ـ الخير الكثير.


 فإنهم كانوا بصدد أن يكونوا من خيار البرية،


 فأبوا هذا الطريق، واختاروا لأنفسهم أن يكونوا من شر البرية.


والسمع الذي نفاه الله عنهم، سمع المعنى المؤثر في القلب،


 وأما سمع الحجة، فقد قامت حجة الله تعالى عليهم،


 بما سمعوه من آياته، وإنما لم يسمعهم السماع النافع،


 لأنه لم يعلم فيهم خيراً يصلحون به لسماع آياته.


{وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}


 على الفرض والتقدير {لَتَوَلَّواْ} عن الطاعة {مُّعْرِضُونَ}


 لا التفات لهم إلى الحق، بوجه من الوجوه.


وهذا دليل على أن الله تعالى لا يمنع الإِيمان والخير،


 إلا عمن لا خير فيه، والذي لا يزكو لديه، ولا يثمر عنده.


 وله الحمد تعالى والحكمة في هذا.


يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإِيمان منهم وهو:


 الاستجابة لله وللرسول، أي: الانقياد لما أمر به والمبادرة إلى ذلك،


 والدعوة إليه، والاجتناب لما نهيا عنه، والانكفاف عنه، والنهي عنه.


وقوله: {إِذَا دَعَاكُم لِمَا} وصف ملازم،


 لكل ما دعا الله ورسوله إليه، وبيان لفائدته وحكمته،


 فإن حياة القلب والروح بعبودية الله تعالى، ولزوم طاعته،


 وطاعة رسوله، على الدوام.


ثم حذر عن عدم الاستجابة لله وللرسول فقال:


 {وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}


 فإياكم أن تردوا أمر الله، أول ما يأتيكم،


فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك،


 وتختلف قلوبكم فإن الله يحول بين المرء وقلبه،


 يقلب القلوب حيث شاء، ويصرفها أنىٰ شاء.


فليكثر العبد من قول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك،


 يا مصرف القلوب، اصرف قلبي إلى طاعتك».


{وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: تجمعون ليوم لا ريب فيه،


 فيجازى المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه.



تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ( السعدي )
Share this post :

إرسال تعليق

المتابعون

صفحتنا على الفيسبوك

 
بدعم من : الملخص | تحميل برامج مجانية
copyright © 2011. نساء الجنة - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger