وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
تفسير الآية :
يقول تعالى مبيناً كثرة الغاوين الضالين، المتبعين إبليس اللعين: {ذَرَأْنَا} أي:
أنشأنا وبثثنا {لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسَ} صارت البهائم أحسن حالة
منهم.
{لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} أي: لا يصل إليها فقه ولا علم، إلا مجرد قيام
الحجة.
{وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّيُبْصِرُونَ} ما ينفعهم، بل فقدوا منفعتها وفائدتها.
{وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ} سماعاً يصل معناه إلى قلوبهم.
{أولئك} الذين بهذه الأوصاف القبيحة {كَٱلأَنْعَامِ} أي: البهائم، التي
فقدت العقول، وهؤلاء آثروا ما يفنى، على ما يبقى، فسلبوا خاصية العقل.
{بَلْ هُمْ} من البهائم، فإن الأنعام مستعملة فيما خلقت له، ولها أذهان،
تدرك بها، مضرتها من منفعتها، فلذلك كانت أحسن حالاً منهم. و {أُوْلَـٰئِكَ
هُمُ ٱلْغَافِلُونَ} الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإِيمان بالله، وطاعته،
وذكره.
تدرك بها، مضرتها من منفعتها، فلذلك كانت أحسن حالاً منهم. و {أُوْلَـٰئِكَ
هُمُ ٱلْغَافِلُونَ} الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإِيمان بالله، وطاعته،
وذكره.
خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار، لتكون عوناً لهم على القيام بأوامر الله
وحقوقه، فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.
فهؤلاء حقيقون، بأن يكونوا ممن ذرأ الله لجهنم وخلقهم لها، فخلقهم للنار،
وبأعمال أهلها، يعملون.
وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة الله، وانصبغ قلبه بالإِيمان بالله ومحبته،
ولم يغفل عن الله، فهؤلاء أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ( السعدي )
إرسال تعليق